من أن يكذبوه، وكان عالماً بما هم عليه من القساوة والكبر، أشار إلى ذلك بالتأكيد، أي وإذا كذبوني عسرت عليّ المحاججة على ما هو عادة أهل الهمم عند تمالؤ الخصوم على العناد، والإرسال موجب لكلام كثير وحجاج طويل، وقريب من هذا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمره الله تعالى بإنذار قومه
«إذن يثلغوا رأسي فيجعلوه خبزة» وكأن مراد السادة القادة عليهم الصلاة والسلام والتحية والإكرام الاستعلام عن الأمر هل يجري على العادة أو لا؟ فإن كان يجري على العادة وطنوا أنفسهم على الموت، وإلا ذكر لهم الأمر الخارق فيكون بشارة لهم، ليمضوا في الأمر على بصيرة، ويسيروا فيه على حسب ما يقتضيه من السيرة.
ولما أكد أمر الطلب بهارون عليهما الصلاة والسلام، أكد له سبحانه أمر الإجابة بقوله مستأنفاً: ﴿قال سنشد﴾ وذكر أولى الأعضاء بمزاولة المكاره فقال: ﴿عضدك﴾ أي أمرك ﴿بأخيك﴾ أي سنقويك ونعينك به إجابة لسؤالك صلة منك لأخيك، وعوناً منه لك ﴿ونجعل لكما سلطاناً﴾ أي ظهوراً عظيماً عليهم، وغلبة لهم بالحجج


الصفحة التالية
Icon