بالتعريف يدل على أن التعظيم بنوع من الحق ليس كبراً وإن كانت صورته كذلك، وأما تكبره سبحانه فهو بالحق كله، وعطف على ذلك ما تفرع عنه وعن الغباوة أيضاً ولذا لم يعطفه بالفاء، فقال: ﴿وظنوا﴾ أي فرعون وقومه ظناً بنوا عليه اعتقادهم في أصل الدين الذي لا يكون إلا بقاطع ﴿أنهم إلينا﴾ أي إلى حكمنا خاصة الذي يظهر عنده انقطاع الأسباب ﴿لا يرجعون*﴾ أي لا في الدنيا ولا في الآخرة، فلذلك اجترؤوا على ما ارتكبوه من الفساد.
ولما تسبب عن ذلك إهلاكهم قال: ﴿فأخذناه﴾ أي بعظمتنا أخذ قهر ونقمة ﴿وجنوده﴾ أي كلهم، وذلك علينا هين، وأشار إلى احتقارهم بقوله: ﴿فنبذناهم﴾ أي على صغرهم وعظمتنا ﴿في اليم﴾ فكانوا على كثرتهم وقوتهم كحصيات صغار قذفها الرامي الشديد الذراع من يده في البحر، فغابوا في الحال، وما آبوا ولا أحد منهم إلى أهل ولا مال. ولما سببت هذه الآية من العلوم، ما لا يحيط به الفهوم، قال: ﴿فانظر﴾ أي أيها المتعرف للآيات الناظر فيها نظر الاعتبار؛ وزاد في تعظيم ذلك بالتنبيه على أنه مما يحق له أن يسأل عنه فقال: ﴿كيف كان﴾ أي كوناً هو الكون ﴿عاقبة﴾ أي آخر أمر ﴿الظالمين*﴾ وإن زاد ظلمهم، وأعيى أمرهم، ذهبوا في طرفة عين، كأن لم يكونوا، وغابوا عن العيون كأنهم قط لم يبينوا، وسكتوا بعد ذلك الأمر والنهي