من شأنك، لتوفر داعيتك حينئذ على تعرفه ﴿ولكنا كنا﴾ أي كوناً أزلياً أبدياً نسبته إلى جميع الأزمنة بما لنا من العظمة، على حد سواء ﴿مرسلين*﴾ أي لنا صفة القدرة على الإرسال، فأرسلنا إلى كل نبي في وقته ثم أرسلنا إليك في هذا الزمان بأخبارهم وأخبار غيرهم لتنشرها في الناس، واضحة البيان سالمة من الإلباس، لأنا شاهدين لذلك كله، لم يغب عنا شيء منه ولا كان إلا بأمرنا.
ولما نفى السبب المبدئي للعلم بذلك الإجمال ثم الفائي للعلم بتفصيل تلك الوقائع والأعمال، نفى السبب الفائي للعم بالأحكام ونصب الشريعة بما فيها من القصص والمواعظ والحلال والحرام والآصار والأغلال بقوله: ﴿وما كنت بجانب الطور إذ﴾ أي حين ﴿نادينا﴾ أي أوقعنا النداء لموسى عليه الصلاة والسلام فأعطيناه التوراة وأخبرناه بما لا يمكن الاطلاع عليه إلا من قبلنا أو قبله، ومن المشهور أنك لم تطلع على شيء من ذلك من قبله، لأنك ما خالطت أحداً ممن حمل تلك الأخبار عن موسى عليه الصلاة والسلام، ولا أحد أحملها عمن حملها عنه، ولكن ذلك كان إليك منا، وهو معنى قوله: ﴿ولكن﴾ أي أنزلنا ما أردنا منه ومن غيره عليك وأوحيناه إليك وأرسلناك به إلى الخلائق ﴿رحمة من ربك﴾ لك خصوصاً وللخلق عموماً ﴿لتنذر﴾ أي تحذر


الصفحة التالية
Icon