ولما كان بعض هذا الدرء لا يتم إلا بالجود قال: ﴿ومما رزقناهم﴾ أي بعظمتنا، لا بحول منهم ولا قوة، قليلاً كان أو كثيراً ﴿ينفقون*﴾ معتمدين في الخلق على الذي رزقه؛ قال البغوي: قال سعيد بن جبير: قدم مع جعفر رضي الله تعالى عنه من الحبشة أربعون رجلاً، يعني: فأسلموا، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أموالهم، فأتوا بها فواسوا بها المسلمين.
ولما ذكر أن السماح بما تضن النفوس به من فضول الأموال من أمارات الإيمان، أتبعه أن حزن ما تبذله الألسن من فضول الأقوال من علامات العرفان، فقال: ﴿وإذا سمعوا اللغو﴾ أي ما لا ينفع في دين ولا دنيا من شتم وتكذيب وتعبير ونحوه ﴿أعرضوا عنه﴾ تكرماً عن الخنا ﴿وقالوا﴾ أي وعظاً وتسميعاً لقائله: ﴿لنا﴾ أي خاصة ﴿أعمالنا﴾ لا تثابون على شيء منها ولا تعاقبون ﴿ولكم﴾ أي خاصة ﴿أعمالكم﴾ لا نطالب بشيء منها، فنحن لا نشتغل بالرد عليكم لأن ذمكم لنا لا ينقصنا شيئاً من أجرنا ولا الاشتغال برده ينقصنا.
ولما كان معنى هذا أنهم سالمون منهم، صرحوا لهم به فقالوا:


الصفحة التالية
Icon