ثم اضرب الرجل ودعه قاعداً أعمى إذا قيد يعيي القائدا
قال: فمات إخوتي التسعة في تسعة أشهر في كل شهر واحد، وبقيت أنا فعميت، ورماني الله عز وجل في رجلي، فليس يلائمني قائد، فقال عمر رضي الله عنه: سبحان الله إن هذا لهو العجب، جعل الله هذا في الجاهلية إذ لا دين حرمة حرمها وشرفها، لينتكب الناس عن انتهاك ما حرم مخافة تعجيل العقوبة، فلما جاء الدين، صار الموعد الساعة، ويستجيب الله لمن يشاء، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين - انتهى. وكأنه لمثل ذلك عبر بالتمكين ويتخطف الناس من حولهم كما يأتي تأكيده في التي بعدها، وقد كان قبل ذلك بقعة من بقاع الأرض لا مزية له على غيره بنوع مزية، فالتقدير: إنما فعلنا ذلك بعد سكنى إسماعيل عليه الصلاة والسلام، توطئة لما أردنا من الحكم والأحكام، أو ليس الذي قدر على ذلك وفعله لمن يعبد غيره بقادر على حماية من يدخل في دينه، وقد صار من حزبه بأنواع الحمايات، وإعلائه على كل من يناويه إلى أعلى الدرجات، كما فعل في حمايتكم منهم ومن غيرهم من سائر المخالفين أعداء الدين.
ولما وصفه بالأمن، أتبعه ما تطلبه النفس بعده فقال: ﴿يجبى﴾ أي يجمع ويجلب مما لا يرجونه ولا قدرة لهم على استجلابه ﴿إليه﴾


الصفحة التالية
Icon