ولما تسبب عن هذا السؤال السكوت علماً منهم بأنه ليس عند أحد منهم ما يغني في جوابه من حسن القول وصوابه، وأنهم لا يذكرون شيئاً من المقال إلا عاد عليهم بالوبال، قال مترجماً عن ذلك: ﴿فهم لا يتساءلون*﴾ أي لا يسأل أحد منهم أحداً عن شيء يحصل به خلاص، لعلمهم أنه قد عمهم الهلاك، ولات حين مناص، ولأن كل منهم أبغض الناس في الآخر.
ولما علم بهذه الآيات حال من أصر على كفره وعمل سيئاً بطريق العبارة، وأشير إلى حال من تاب فوعد الوعد الحسن ألطف إشارة تسبب عن ذلك التشوف إلى التصريح بحالهم، فقال مفصلاً مرتباً على ما تقديره: هذا حال من أصر على كفره ﴿فأما من تاب﴾ أي عن كفره وقال: ﴿وآمن﴾ تصريحاً بما علم التزاماً، فإن الكفر والإيمان ضدان، لا يمكن ترك أحدهما إلا بأخذ الآخر ﴿وعمل﴾ تصديقاً لدعواه باللسان ﴿صالحاً﴾.
ولما كانت النفس نزاعة إلى النقائص، مسرعة إلى الدنايا، أشير إلى صعوبة الاستمرار على طريق الهدى إلا بعظيم المجاهدة بقوله: ﴿فعسى﴾ أي فإنه يتسبب عن حاله هذا الطمع في ﴿أن يكون﴾ أي كوناً هو في غاية الثبات ﴿من المفلحين*﴾ أي الناجين من شر ذلك اليوم، الظافرين


الصفحة التالية
Icon