معه إلا قليل، وأما إبراهيم عليه الصلاة والسلام فرمى بالمنجنيق في النار فكانت عليه برداً وسلاماً، وقد نطق الكتاب العزيز بخصوص المذكورين عليهم الصلاة والسلام وزبضروب من الابتلاءات حصلوا على ثوابها، وفازوا من عظيم الرتبة النبوية العليا بأسنى نصابها، ثم ذكر تعالى أخذ المكذبين من أممهم فقال ﴿فكلاًّ أخذنا بذنبه﴾ ثم وصى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأوضح حجته، وتتابع اتساق الكلام إلى آخر السورة - انتهى.
ولما كان التآسي من سنن الآدميين، توقع المخاطب بهذا الأمر الخبر عن حالهم في ذلك، فقال مؤكداً لمن يظن أن الابتلاء لا يكون، لأن الله غني عنه فلا فائدة فيه جاهلاً بما فيه من الحكمة بإقامة الحجة على مقتضى عوائد الخلق: ﴿ولقد﴾ أي أحسبوا والحال أنا قد ﴿فتنا﴾ أي عاملنا بما لنا من العظمة معاملة المختبر ﴿الذين﴾.
ولما كان التآسي بالقريب في الزمان أعظم، أثبت الجار في قوله: ﴿من قبلهم﴾ أي من قبل هؤلاء الذين أرسلناك إليهم من أتباع الأنبياء حتى كان الرجل منهم يمشط لحمه بأمشاط الحديد ما يرده ذلك عن دينه، ومن رؤوسهم صاحب أكثر السورة الماضية موسى عليه الصلاة والسلام، ففي قصته حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما يقال له حديث الفتون وهو في مسند أبي يعلى، ومن آخر ما ابتلى به