الصادقين فقال على سبيل الاستنتاج مما مضى: ﴿من كان يرجو﴾ عبر به لأن الرجاء كافٍ عن الخوف منه سبحانه ﴿لقاء الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال، فلا يجوز عليه ترك البعث فإنه نقص ومنابذ للحكمة، وشبه البعث باللقاء لانكشاف كثير من الحجب به وحضور الجزاء.
ولما كان المنكر للبعث كثيراً، أكد فقال موضع: فإنه آت فليحذر وليبشر، تفخيماً للأمر وتثبيتاً وتهويلاً: ﴿فإن أجل الله﴾ أي الملك الأعلى الذي له الغنى المطلق وجميع صفات الكمال المحتوم لذلك ﴿لآت﴾ لا محيص عنه، فإنه لا يجوز عليه وقوع إخلاف الوعد، ولذلك عبر بالاسم الأعظم، وللإشارة إلى أن أهوال اللقاء لا يحيط لها العد، ولا يحصرها حد، فليتعد لذلك بالمجاهدة والمقاتلة لنفسه من ينصحها، وقال تعالى: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿السميع العليم*﴾ حثاً على تطهير الظاهر والباطن في العقد والقول والفعل.
ولما حث على العمل، بين أنه ليس إلا لنفع العامل، لئلا يخطر في خاطر ما يوجب تعب الدنيا وشقاء الآخرة من اعتقاد ما لا يليق بجلاله تعالى، فقال عاطفاً على ما تقديره: فمن أراح نفسه في الدنيا فإنما


الصفحة التالية
Icon