وأكد لأن الإنسان مجبول على الانتقام ممن أساء ولو بكلمة ولو بالامتنان بذكر العفو فلا يكاد يحقق غير ما طبع عليه. ولما بشرهم بالعفو عن العقاب، أتم البشرى بالامتنان بالثواب، فقال عاطفاً على ما تقديره: ولنثبتن لهم حسناتهم ﴿ولنجزينهم﴾ أي في الإسلام ﴿أحسن الذي كانوا﴾ أي كوناً يحملهم على أتم رغبة ﴿يعملون*﴾ أي أحسن جزاء ما عملوه في الإسلام وما قبله وفي طبعهم أن يعملوه.
ولما ذكر سبحانه أنه لا بد من الفتنة، وحذر من كفر، وبشر من صبر، قال عاطفاً على ﴿ولقد فتنا﴾ مشيراً إلى تعظيم حرمة الوالد حيث جعلها في سياق تعظيم الخالق، وإلى أنها أعظم فتنة: ﴿ووصينا﴾ على ما لنا من العظمة ﴿الإنسان﴾ أي الذي أعناه على ذلك بأن جعلناه على الأنس بأشكاله لا سيما من أحسن إليه، فكيف بأعز الخلق عليه، وذلك فتنة له ﴿بوالديه﴾.
ولما كان التقدير: فقلنا له: افعل بهما ﴿حسناً﴾ أي فعلاً ذا حسن من برهما وعطف عليهما، عطف عليه قوله: ﴿وإن جاهداك﴾ أي فعلاً معك فعل المجاهد مع من يجاهده فاستفرغا مجهودهما في معالجتك ﴿لتشرك﴾ وترك مظهر العظمة للنص على المقصود فقال: ﴿بي﴾ ونبهه على طلب البرهان في الأصول إشارة إلى خطر المقام لعظم المرام، فقال استعمالاً للعدل، مشيراً بنفي العلم إلى انتفاء العلوم: ﴿ما ليس لك به علم﴾