العصر كلهم إنما اهتدى بإعلام الله دون غيره، ونصف الآية الأولى الأول من هذه القصة تسلية وتعزية دليلاً على آيتي الفتنة أول السورة، ونصفها الثاني تحذير وتوقية، وفيه دليل على الآية الثالثة، والآية الثالثة، والآية الأخرى تبشير وترجية، وفيه دليل على ما بعد.
ولما كان بلاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام عظيماً في قذفه في النار وإخراجه من بلاده، أتبعه به فقال: ﴿وإبراهيم﴾ أي ولقد أرسلنا إبراهيم، ويجوز أن يكون التقدير: واذكر إبراهيم أباك الأعظم لتتأسى به وتتسلى ويتعظ قومك بقصته، لكن قوله ﴿وإلى مدين﴾ يرجح الأول، ودل على مبادرته للامتثال بقوله: ﴿إذ﴾ أي حين، وهو بدل اشتمال على التقدير الثاني لاشتمال الأحيان على ما قبلها ﴿قال لقومه﴾ الذين هو منهم: ﴿اعبدوا الله﴾ أي الملك الأعظم بما يأمركم به من طاعته ﴿واتقوه﴾ أي خافوه في أن تشركوا به شيئاً فإنه يعذبكم ﴿ذلكم﴾ أي الأمر العظيم الذي هو إخلاصكم في عبادتكم له وتقواكم ﴿خير لكم﴾ أي من كل شيء ﴿إن كنتم﴾ أي بما لكم من الغرائز الصالحة ﴿تعلمون*﴾ أي إن كنتم في عداد من يتجدد