ولما كان التقدير: فإن تصدقوا فهو حظكم في الدنيا والآخرة، عطف عليه قوله: ﴿وإن تكذبوا﴾ والذي دلنا على هذا المحذوف هذه الواو العاطفة على غير معطوف معروف ﴿فقد﴾ أي فيكفيكم في الوعظ والتهديد معرفتكم بأنه ﴿كذب أمم﴾ في الأزمان الكائنة ﴿من قبلكم﴾ كثيرة، كعاد وثمود وقوم نوح وغيرهم، فجرى الأمر فيهم على سنن واحد لم يختلف قط في نجاة والمطيع للرسول وهلاك العاصي له، ولم يضر ذلك بالرسول شيئا وما ضروا به إلا أنفسهم ﴿وما على الرسول﴾ أن يقهركم على التصديق، بل ما عليه ﴿إلا البلاغ المبين*﴾ الموضح مع - ظهوره في نفسه - للأمر بحيث لا يبقى فيه شك، بإظهار المعجزة وإقامة الأدلة على الوحدانية.
ولما كان التقدير: ألم تروا إلى مصارعهم؟ واتساق الحال في أمرهم؟ فيكفيكم ذلك زاجراً، عطف عليه للدلالة على الرجوع إليه منكراً قوله: ﴿أو لم يروا﴾ بالخطاب في قراءة حمزة والكسائي وفي رواية عن أبي بكر عن عاصم جرياً على النسق السابق، وبالغيب للباقين، إعراضاً للإيذان بالغضب ﴿كيف يبدئ الله﴾ أي الذي له كل كمال ﴿الخلق﴾ أي يجدد إبداءه في كل لحظة، وهو بالضم من أبدأ، وقرىء بالفتح من بدأ، وهما معاً بمعنى الإنشاء من العدم؛


الصفحة التالية
Icon