من لم يكن له ناصر من قومه، أو كان غريباً منها، ولذلك أتبع الخليل عليه الصلاة والسلام ابن أخيه الذي أرسله الله إلى أهل سدوم: ناس لا قرابة له فيهم ولا عشيرة، فقال: ﴿ولوطاً﴾ أي أرسلناه، وأشار إلى إسراعه في الامتثال بقوله: ﴿إذ﴾ أي وأرسلناه حين ﴿قال لقومه﴾ أهل سدوم الذين سكن فيهم وصاهرهم وانقطع إليهم فصاروا قومه، حين فارق عمه إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام، منكراً ما رأى من حالهم، وقبيح فعالهم، مؤكداً له إشارة إلى أنه - مع كونه يرونه من أعرف المعارف - جدير بأن ينكر: ﴿إنكم لتأتون الفاحشة﴾ أي المجاوزة للحد في القبح، فكأنها لذلك لا فاحشة غيرها. ثم علل كونها فاحشة استئنافاً بقوله: ﴿ما سبقكم﴾ أو هي حال مبينة لعظيم جرأتهم على المنكر، أي غير مسبوقين ﴿بها﴾ وأعرق في النفي بقوله: ﴿من أحد﴾ وزاد بقوله: ﴿من العالمين*﴾ أي كلهم فضلاً عن خصوص الناس؛ ثم كرر الإنكار تأكيداً لتجاوز قبحها الذي ينكرونه فقال: ﴿أئنكم لتأتون الرجال﴾ إتيان الشهوة، وعطف عليها ما ضموه إليها من المناكر، بياناً لاستحقاق الذم من وجوه، فأوجب حالهم ظن أنهم وصلوا من الخبث إلى حد لا مطمع في الرجوع عنه مع


الصفحة التالية
Icon