﴿مدين أخاهم﴾ أي من النسب والبلد ﴿شعيباً﴾.
ولما كان مقصود السورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير فترة، عبر بالفاء فقال: ﴿فقال﴾ أي فتسبب عن إرساله وتعقبه أن قال: ﴿يا قوم اعبدوا الله﴾ أي الملك الأعلى وحده، ولا تشركوا به شيئاً، فإن العبادة التي فيها شرك عدم، لأن الله تعالى أغنى الشركاء فهو لا يقبل إلا ما كان له خالصاً.
ولما كان السياق لإقامة الأدلة على البعث الذي هو من مقاصد السورة قال: ﴿وارجوا اليوم الآخر﴾ أي حسن الجزاء فيه لتفعلوا ما يليق بذلك ﴿ولا تعثوا في الأرض﴾ حال كونكم ﴿مفسدين*﴾ أي متعمدين الفساد.
ولما تسبب عن هذا النصح وتعقبه تكذيبهم فتسبب عنه وتعقبه إهلاكهم، تحقيقاً لأن أهل السيئات لا يسبقون قال: ﴿فكذبوه فأخذتهم﴾ أي لذلك أخذ قهر وغلبة ﴿الرجفة﴾ أي الصيحة التي زلزلت بهم فأهلكتهم ﴿فأصبحوا في دارهم﴾ أي محالهم التي كانت دائرة بهم وكانوا يدورون فيها ﴿جاثمين*﴾ أي واقعين على صدورهم، لازمين مكاناً واحداً، لا يقدرون على حركة أصلاً، لأنه لا أرواح لهم.
ولما كان من المقاصد العظيمة الدلالة على اتباع بعض هذه الأمم بعضاً في الخير والشر على نسق، والجري بهم في إهلاك المكذبين


الصفحة التالية
Icon