فقال: ﴿إلى موسى﴾ وفسر الوحي الذي فيه معنى القول بقوله: ﴿أن اضرب بعصاك البحر﴾ أي الذي أمامكم، وهو بحر القلزم الذي يتوصل أهل مصر منه إلى الطور وإلى مكة المشرفة وما والاها ﴿فانفلق﴾ أي فضربه فانشق بسبب ضربه لما ضربه امتثالاً لأمر الله وصار اثني عشر فرقاً على عدد أسباطهم ﴿فكان كل فرق﴾ أي جزء وقسم عظيم منه ﴿كالطود﴾ أي الجبل في إشرافه وطوله وصلابته بعدم السيلان ﴿العظيم*﴾ المتطاول في السماء الثابت لا يتزلزل، لأن الماء كان منبسطاً في أرض البحر، فلما انفرق وانكشفت فيه الطرق انضم بعضه إلى بعض فاستطال وارتفع في السماء.
ولما كان التقدير: فأدخلنا كل شعب منهم في طريق من تلك الطرق، عطف عليه: ﴿وأزلفنا﴾ أي قربنا بعظمتنا من قوم موسى عليه السلام؛ قال البغوي. قال أبو عبيدة: جمعنا، ومنه ليلة المزدلفة، أي ليلة الجمع.
ولما كان هذا الجمع في غاية العظمة وعلو الرتبة، أشار إلى ذلك بأداة البعد فقال: ﴿ثم﴾ أي هنالك، فإنها ظرف مكان للبعيد ﴿الآخرين*﴾ أي فرعون وجنوده ﴿وأنجينا موسى ومن معه﴾ وهم الذين اتبعوه من قومه وغيرهم ﴿أجمعين*﴾ أي لم نقدر على أحد