فيسلم، أو يتمادى فيهلك لأنه لا نفع يصل إليه سبحانه من إهلاكهم، ولا ضرر يلحقه عز شأنه من إبقائهم ﴿ولكن كانوا﴾ أي هم لا غيرهم ﴿أنفسهم﴾ لا غيرها ﴿يظلمون*﴾ بارتكابهم ما أخبرناهم غير مرة أنه يغضبنا وأنا نأخذ من يفعله، فلم يقبلوا النصح مع عجزهم، ولا خافوا العقوبة على ضعفهم، وأما ما عبدوه ورجوا نصره لهم وأملوه فأضعف منهم، ولكون شيء منه لم يغن عن أحد منم شيئاً فلم تختل سنة الله في أوليائه وأعدائه في قرن من القرون ولا عصر من العصور، بل جرت على أقوم نظام، واتقن إحكام، وصل بذلك قوله تعالى على وجه الاستنساج: ﴿مثل الذين﴾.
ولما كان دعاء غير الله مخالفاً لقويم العقل، وصريح النقل، وسليم الفطرة وصحيح الفكرة فكان ذلك يحتاج إلى تدرب إلى الجلافة، وتطبع في الكثافة، قال: ﴿اتخذوا﴾ أي تكلفوا أن أخذوا.
ولما كانت الرتب تحت رتبته سبحانه لا تحصى، وكل الرتب دون رتبته، قال منبهاً على ذلك بالجار: ﴿من دون الله﴾ أي الذي لا كفوء له، فرضوا بالدون، عوضاً عمن لا تكفيه الأوهام والظنون ﴿أولياء﴾


الصفحة التالية
Icon