ولما كان في إهلاكهم وإنجائه من بديع الصنع ما يجل عن الوصف، أبرزه في مظهر العظمة فقال: ﴿فأنجيناه ومن معه﴾ أي ممن لا يخالفه في الدين على ضعفهم وقتلهم ﴿في الفلك﴾ ولما كانت سلامة المملوء جداً أغرب قال: ﴿المشحون*﴾ أي المملوء بمن حمل فيه من الناس والطير وسائر الحيوان وما حمل من زادهم وما يصلحهم.
ولما كان إغراقهم كلهم من الغرائب عظمه بأداة البعد - ومظهر العظمة فقال: ﴿ثم أغرقنا بعد﴾ أي بعد حمله الذي هو سبب إنجائه ﴿الباقين*﴾ أي من بقي على الأرض ولم يركب معه في السفينة على قوتهم وكثرتهم، وكان ذلك علينا يسيراً.
ولما كان ذلك أمراً باهراً، عظمه بقوله: ﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الدعاء والإمهال ثم الإنجاء والإهلاك ﴿لآية﴾ أي عظيمة لمن شاهد ذلك أو سمع به، على أنا ننتقم ممن عصانا، وننجي من أطاعنا، وأنه لا أمر لأحد معنا فيهديه إلى الإيمان، ويحمله على الاستسلام والإذعان ﴿وما﴾ أي والحال أنه ما ﴿كان أكثرهم﴾ أي أكثر العالمين بذلك ﴿مؤمنين*﴾ وقد ينبغي لهم إذ فاتهم الإيمان لمحض الدليل أن يبادروا إليه ويركبوا معه حين رأوا أوائل العذاب أو بعد أن ألجمهم الغرق ﴿وإن ربك﴾ المحسن إليك بإرسالك، وتكثير أتباعك،


الصفحة التالية
Icon