يلين القلب بذكر الوعد والوعيد. والمعنى أن الأمر مستوٍ في الحالتين في أنا لا نطيعك في شيء؛ ثم عللوا ذلك بقولهم: ﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أي الذي جئتنا به ﴿إلا خلق﴾ بفتح الخاء وإسكان اللام في قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ﴿الأولين*﴾ أي كذبهم، أو ما هذا الذي نحن فيه إلا عادة الأولين في حياة ناس وموت آخرين، وعافية قوم وبلاء آخرين، وعليه تدل قراءة الباقين بضم الخاء واللام ﴿وما نحن بمعذبين*﴾ لأنا أهل قوة وشجاعة ونجدة وبراعة.
ولما تضمن هذا التكذيب، سبب عنه قوله: ﴿فكذبوه﴾ ثم سبب عنه قوله: ﴿فأهلكناهم﴾ أي بالريح بما لنا من العظمة التي لا تذكر عندها عظمتهم، والقوة التي بها كانت قوتهم ﴿إن في ذلك﴾ أي الإهلاك في كل قرن للعاصين والإنجاء للطائعين ﴿لآية﴾ أي عظيمة لمن بعدهم على أنه سبحانه فاعل ذلك وحده بسبب أنه يحق الحق ويبطل الباطل، وأنه مع أوليائه ومن كان معه لا يذل وعلى أعدائه ومن كان عليه لا يعز ﴿وما كان أكثرهم﴾ أي أكثر من كان بعدهم ﴿مؤمنين*﴾ فلا تحزن أنت على من أعرض عن الإيمان ﴿وإن ربك﴾ أي المحسن إليك بإرسالك وغيره من النعم ﴿لهو العزيز﴾ في انتقامه ﴿الرحيم*﴾ في إنعامه وإكرامه وإحسانه، مع عصيانه وكفرانه، وإرسال المنذرين