قال واصلاً بالقصة: ﴿كذبت﴾ أي دأب من تقدم كأنهم تواصوا به ﴿قوم لوط المرسلين*﴾ لأن من كذب رسولاً - كما مضى - فقد كذب الكل، لتساوي المعجزات في الدلالة على الصدق. وقد صرحت هذه الآية بكفرهم بالتكذيب. وبين إسراعهم في الضلال بقوله: ﴿إذ﴾ أي حين ﴿قال لهم أخوهم﴾ أي في السكنى في البلد لا في النسب لأنه ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وهما من بلاد الشرق من بلاد بابل - وكأنه عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم، ومناسبتهم بمصاهرتهم، وإقامته بينهم في مدينتهم مدة مديدة، وسنين عديدة، وإتيانه بالأولاد من نسائهم، مع موافقته لهم في أنه قروي، ثم بينه بقوله: ﴿لوط ألا تتقون*﴾ أي تخافون الله فتجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية.
ولما كان مضمون هذا الدعاء لهم والإنكار عليهم في عدم التقوى علل ذلك بقوله: ﴿إني لكم﴾ أي خاصة ﴿رسول أمين*﴾ أي لا شيء من غش ولا خيانة عندي، ولذلك سبب عنه قوله: ﴿فاتقوا الله﴾ أي لقدرته على إهلاك من يريد وتعاليه في عظمته ﴿وأطيعون*﴾ أي لأن طاعتي سبب نجاتكم، لأني لا آمركم إلا بما يرتضيه. ولا أنهاكم إلا عما يغضبه.