المتولين لإخراجه إهانة له للاستراحة منه، فكان إخراجه، لكن إخراج إكرام للاستراحة منهم والنجاة من عذابهم بتولي الملائكة الكرام ﴿قال﴾ أي جواباً لهم: ﴿إني﴾ مؤكداً لمضمون ما يأتي به ﴿لعملكم﴾ ولم يقل: قال بل زاد في التأكيد بقوله: ﴿من القالين*﴾ أي المشهورين ببغض هذا العمل الفاحش، العريقين في هذا الوصف، المذكورين بين الناس بمنابذة من يفعله، لا يردني عن إنكاره تهديدكم لي بإخراج ولا غيره، والقلاء: بغض شديد كأنه يقلي الفؤاد.
ولما بادأهم بمثل هذا الذي من شأنه الإفضاء إلى الشر، أقبل على من يفعل ذلك لأجله، وهو القادر على كل شيء العالم بكل شيء، فقال: ﴿رب نجني وأهلي مما﴾ أي من الجزاء الذي يلحقهم لما ﴿يعملون*﴾.
ولما قبل سبحانه وتعالى دعاءه، أشار إلى ذلك بقوله: ﴿فنجيناه وأهله﴾ مما عذبناهم به بإخراجنا له من بلدهم حين ستخفافهم له، ولم يؤخره عنهم إلى حين خروجه إلا لأجله، وعين سبحانه المراد مبيناً أن أهله كثير بقوله: ﴿أجمعين*﴾ أي أهل بيته والمتبعين له على دينه ﴿إلا عجوزاً﴾ وهي امرأته، كائنة ﴿في﴾ حكم ﴿الغابرين*﴾ أي الماكثين الذي تلحقهم الغبرة بما يكون من الداهية فإننا لن ننجها لقضائنا بذلك في الأزل، لكونها لم تتابعه في الدين، وكان هواها مع قومها.


الصفحة التالية
Icon