قال معجباً من حالهم في ضلالهم: ﴿وما﴾ أي والحال أنه ما ﴿كان أكثرهم مؤمنين*﴾.
ولما كان في ذلك إشارة إلى الإنذار بمثل ما حل بهم من الدمار، أتبعه التصريح بالتخويف والإطماع فقال: ﴿وإن ربك لهو﴾ أي وحده ﴿العزيز﴾ أي في بطشه بأعدائه ﴿الرحيم*﴾ في لطفه بأوليائه، ورفقه بأعدائه بإرسال الرسل، وبيان كل مشكل؛ ثم وصل بذلك دليله، فقال مذكراً الفعل لشدة كفرهم بدليل ما يأتي من إثبات الواو في ﴿وما أنت إلا بشر مثلنا﴾ :﴿كذب أصحاب لئيكة﴾ أي الغيضة ذات الأرض الجيدة التي تبتلع الماء فتنبت الشجر الكثير الملتف ﴿المرسلين*﴾ لتكذيبهم شعيباً عليه السلام فيما أتى به من المعجزة السماوية في خرق العادة وعجز المتحدّين بها عن مقاومتها - لبقية المعجزات الآتي بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ﴿إذ قال لهم﴾.
ولما كانوا أهل بدو وكان هو عليه السلام قروياً، قال: ﴿شعيب﴾ ولم يقل: أخوهم، إشارة إلى أنه لم يرسل نبياً إلا من أهل القرى، تشريفاً لهم لأن البركة والحكمة في الاجتماع، ولذلك نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ