في بديع حكمته، فلا بد من نصر المؤمنين ومن داناهم في التمسك بكتاب له أصل من عند الله.
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير: لما تكرر الأمر بالاعتبار والحض عليه والتنبيه بعجائب المخلوقات في سورة الروم كقوله سبحانه: ﴿أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق﴾ [الروم: ٨] وقوله: ﴿أو لم يسيروا في الأرض﴾ [الروم: ٩] وقوله: ﴿الله يبدؤا الخلق ثم يعيده﴾ [الروم: ١١] وقوله: ﴿يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي﴾ [الروم: ١٩] إلى قوله: ﴿كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون﴾ [الروم: ٢٨] وهي عشر آيات تحملت من جليل الاعتبار والتنبيه ما لا يبقى معه شبهة ولا توقف لمن وفق إلى ما بعد هذا من آيات التنبيه وبسط الدلائل وذكر ما فطر عليه العباد وضرب الأمثال الموضحة سواء السبيل لمن عقل معانيها وتدبر حكمها إلى قوله: ﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل﴾ [الروم: ٥٨] وهي إشارة إلى ما أودع الله كتابه المبين من مختلف الأمثال وشتى العظات وما تحملت هذه السورة من ذلك، أتبع سبحانه ذلك بقوله الحق: ﴿الم تلك آيات الكتاب الحكيم﴾ أي دلائله وبراهينه لمن وفق وسبقت له الحسنى وهو المحسنون الذين ذكرهم بعد، ووصف الكتاب بالحكيم يشهد لما مهدناه، ثم أشار سبحانه إلى من حرم منفعته والاعتبار به، واستبدل الضلالة بالهدى، وتنكب عن سنن