لكمالهم فيما دخلوا فيه من هذه المعاني ﴿بالآخرة﴾ التي تقدم أن المجرمين عنها غافلون ﴿هم يوقنون﴾ أي مؤمنون بها إيمان موقن فهم لا يفعل شيئاً الإيمان بها، ولا يغفل عنها طرفة عين، فهو في الذروة العليا من ذلك، فهو يعبد الله كأنه يراه، فآية البقرة بداية. وهذه نهاية.
ولما كانت هذه الخلال أمهات الأفعال، الموجبة للكمال، وكانت مساوية من وجه لآية البقرة ختمها بختامها، بعد أن زمها بزمامها، فقال: ﴿أولئك﴾ أي العالوا الرتبة الحائزون منازل القربة أعظم رتبة ﴿على هدى﴾ أي عظيم هم متمكنون منه تمكن المستعلي على الشيء، وقال: ﴿من ربهم﴾ تذكيرا لهم بأنه لولا إحسانه ما وصلوا إلى شيء. ليلزموا تمريغ الجباه على الأعتاب، خوفاً من الإعجاب ﴿وأولئك هم﴾ أي خاصة ﴿المفلحون *﴾ أي الظافرون بكل مراد.
ولما كان فطم النفس عن الشهوات. أعظم هدى قائد إلى حصول المرادات، وكان اتباعها الشهوات أعظم قاطع عن الكمالات، وكان في ختام الروم أن من وقف مع الموهومات عن طلب


الصفحة التالية
Icon