من الحكمة، قال مؤكداً لمضمون الوعد بالجنات: ﴿وعد الله﴾ الذي لا شيء أجل منه؛ فلا وعد أصدق من وعده، ثم أكده بقوله: ﴿حقاً﴾ أي ثابتاً ثباتاً لا شيء مثله، لأنه وعد من لا شيء مثله ولا كفوء له.
ولما كان النفس الغريب جديراً بالتأكيد، أتى بصفتين مما أفهمه الإتيان بالجلالة تصريحاً بهما تأكيداً لأن هذا لا بد منه فقال: ﴿وهو﴾ أي وعد بذلك والحال أنه ﴿العزيز﴾ فلا يغلبه شيء ﴿الحكيم*﴾ أي المحكم لما يقوله ويفعله، فلا يستطاع نقضه ولا نقصه.
ولما ختم بصفتي العزة - وهي غاية القدرة - والحكمة - وهي ثمرة العلم - دل عليها باتقان أفعاله وإحكامها فقال: ﴿خلق السماوات﴾ أي على علوها وكبرها وضخامتها ﴿بغير عمد﴾ وقوله: ﴿ترونها﴾ دال على الحكمة، إن قلنا إنه صفة لعمد أو استئناف، إما أن قلنا بالثاني فلكون مثل هذا الخلق الكبير الواسع يحمل بمحض القدرة، وإن قلنا بالأول فتركيب مثله على عمد تكون في العادة حاملة له وهي مع ذلك بحيث لا ترى أدخل في الحكمة وأدق في اللطافة والعظمة، لأنه


الصفحة التالية
Icon