تنصيصاً على المراد: ﴿لي﴾ أي لأني المنعم بالحقيقة ﴿ولوالديك﴾ لكوني جعلتهما سبباً لوجودك والإحسان بتربيتك، وذكر الإنسان بهذا الذكر في سورة الحكمة إشارة إلى أنه أتم الموجودات حكمة قال الرازي في آخر سورة الأحزاب من لوامعه: الموجودات كلها كالشجرة، والإنسان ثمرتها، وهي كالقشور والإنسان لبابها، وكالمبادئ والإنسان كمالها، ومن أين للعالم ما للإنسان؟ بل العالم العلوي فيه، ليس في العالم العلوي ما فيه، فقد جمع ما بين العالمين بنفسه وجسده، واستجمع الكونين بعقله وحسه، وارتفع عن الدرجتين باتصال الأمر الأعلى به وحياً قولياً، وسلم لمن له الخلق والأمر تسليماً اختيارياً طوعياً. ثم علل الأمر بالشكر محذراً فقال: ﴿إليّ﴾ لا إلى غيري ﴿المصير*﴾ أي فأسألك عن ذلك كما كانت منهما البداءة ظاهراً بما جعلت لهما من التسبب في ذلك، فيسألانك عن القيام بحقوقهما وإن قصرت فيها شكواك إلى الناس وأقاما عليك الحجة وأخذا بحقهما.
ولما ذكر سبحانه وصيته بهما وأكد حقهما، أتبعه الدليل على ما ذكر لقمان عليه السلام من قباحة الشرك فقال: ﴿وإن جاهداك﴾ أي مع ما أمرتك به من طاعتهما، وأشار بصيغة المفاعلة إلى مخالفتهما وإن بالغا في الحمل على ذلك ﴿على أن تشرك بي﴾ وأشار بأداة


الصفحة التالية
Icon