جموداً: لا نفعل ﴿بل نتبع﴾ وإن جاهدنا بالأنفس والأموال ﴿ما وجدنا عليه آباءنا﴾ لأنهم أثبت منا عقولاً، وأقوم قيلاً، وأهدى سبيلاً.
ولما كانوا لا يسلكون طريقاً حسياً بغير دليل، كان التقدير: أتتبعونهم لو كان الهوى يدعوهم فيما وجدتموهم عليه إلى ما يظن فيه الهلاك، لكونه بغير دليل، فعطف عليه قوله: ﴿أو لو كان الشيطان﴾ أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنة، وهو أعدى اعدائهم، دليللهم فهو ﴿يدعوهم﴾ إلى الضلال فيوقعهم فيما يسخط الرحمن فيؤديهم ذلك ﴿إلى عذاب السعير*﴾ وعبر بالمضارع تصويراً لحالهم في ضلالهم وأنه مستمر، وأطلق العذاب على سببه.
ولما كان التقدير: فمن جادل في الله فلا متمسك له، عطف عليه قوله في شرح حال أضدادهم: ﴿ومن يسلم﴾ أي في الحال أو الاستقبال ﴿وجهه﴾ أي قصده وتوجهه وذاته كلها. ولما كان مقصود السورة إثبات الحكمة، عدى الفعل ب «إلى» تنبيهاً على إتقان الطريق بالوسائط من النبي أو الشيخ وحسن الاسترشاد في ذلك، فقال معلقاً بما تقديره: ساتراً وواصلاً ﴿إلى الله﴾ الذي له صفات الكمال،


الصفحة التالية
Icon