بعلمه لها مرتين، فقال على وجه التأكيد لأنهم ينكرون بعض ما يخبر به، وذلك يستلزم إنكارهم لبعض علمه: ﴿إنّ الله﴾ أي المختص بأوصاف الكمال والعظمة والكبرياء والجلال ﴿عليم﴾ أي شامل العلم للأمور كلها، كلياتها وجزئياتها، فأثبت العلم المطلق لنفسه سبحانه بعد أن نفاه على الغير في هذه الخمس تارة نصاً وأخرى بطريق الأولى أو باللازم، فانطبق الدليل على الدعوى - والله الموفق.
ولما أثبت العلم على هذا الوجه، أكده لأجل ما سيقت له السورة بقوله: ﴿خبير﴾ أي يعلم خبايا الأمور، وخفايا الصدور، كما يعلم ظواهرها وجلاياها، كل عنده على حد سواء، فهو الحكيم في ذاته وصفاته، ولذلك أخفى هذه المفاتيح عن عباده، لأنه لو أطلعهم عليها لفات كثير من الحكم، باختلاف هذا النظام، على ما فيه من الإحكام، فقد انطبق آخر السورة - بإثباته الحكمة بإثبات العلم والخبر مع تقرير أمر الساعة التي هي مفتاح الدار الآخرة - على أولها المخبر بحكمة صفته التي من علمها حق علمها، وتخلق بما دعت إليه وحضت عليه لا سيما الإيقان بالآخرة، كان حكيماً خبيراً عليماً مهذباً مهدياً مقرباً علياً، فسبحانه من هذا كلامه، وتعالى كبرياؤه وعز مرامه، ولا إله غيره وهو اللطيف.


الصفحة التالية
Icon