التي هي محل إهانتي وتجهم أعدائي بما تجهموا أوليائي ﴿من الجنة﴾ أي الجن طائفة إبليس، وكأنه أنثهم تحقيراً لهم عند من يستعظم أمرهم لما دعا إلى تحقيرهم من مقام الغضب وبدأ بهم لاستعظامهم لهم ولأنهم الذين أضلوهم ﴿والناس أجمعين *﴾ حيث قلت لإبليس: ﴿لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين﴾ [ص: ٨٥] فلذلك شئت كفر الكافر وعصيان العاصي بعد أن جعلت لهم اختياراً، وغيبت العاقبة عنهم، فصار الكسب ينسب إليهم ظاهراً، والخلق في الحقيقة والمشيئة لي.
ولما تسبب عن هذا القول الصادق أنه لا محيص عن عذابهم، قال مجيباً لترققهم إذ ذاك نافياً لما قد يفهمه كلامهم من أنه محتاج إلى العبادة: ﴿فذوقوا﴾ أي ما كنتم تكذبون به منه بسبب ما حق معي من القول ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿نسيتم لقاء يومكم﴾ وأكده وبين لهم بقوله: ﴿هذا﴾ أي عملتم - في الإعراض عن الاستعداد لهذا الموقف الذي تحاسبون فيه ويظهر فيه العدل - عمل الناسي له مع أنه مركوز في طباعكم أنه لا يسوغ لذي علم وحكمة أن يدع عبيده


الصفحة التالية
Icon