يمرحون في أرضه ويتقلبون في رزقه، ثم لا يحاسبهم على ذلك وينصف مظلومهم، فكان الإعراض عنه مستحقاً لأن يسمى نسياناً من هذا الوجه أيضاً ومن جهة أنه لما ظهر له من البراهين، ما ملأ الأكوان صار كأنه ظهر، وروي ثمّ نسي. ثم علل ذوقهم لذلك أو استانف لبيان المجازاة به مؤكداً في مظهر العظمة قطعاً لأطماعهم في الخلاص، ولذا عاد إلى مظهر العظمة فقال: ﴿إنا نسيناكم﴾ أي عاملناكم بما لنا من العظمة ولكم من الحقارة معاملة الناسي، فأوردنا النار كما أقسمنا أنه ليس أحد إلا يردها، ثم أخرجنا أهل ودنا وتركناكم فيها ترك المنسي.
ولما كان ما تقدم من أمرهم بالذوق مجملاً، بينه بقوله مؤكداً له: ﴿وذوقوا عذاب الخلد﴾ أي المختص بأنه لا آخر له. ولما كان قد خص السبب فيما مضى، عم هنا فقال: ﴿بما كنتم﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿تعملون *﴾ من أعمال من لم يخف أمر البعث ناوين أنكم لا تنفكون عن ذلك.
ولما كان قوله تعالى: ﴿بل هم بلقاء ربهم كافرون﴾ قد أشار إلى أن الحامل لهم على الكفر الكبر، وذكر سبحانه أنه قسم الناس قسمين


الصفحة التالية
Icon