لا يأمنون مكره لأن له أن يفعل ما يشاء ﴿وطمعاً﴾ أي في رضاه الموجب لثوابه، وعبر به دون الرجاء إشارة إلى أنهم لشدة معرفتهم بنقائصهم لا يعدون أعمالهم شيئاً بل يطلبون فضله بغير سبب، وإذا كانوا يرجون رحمته بغير سبب فهم مع السبب أرجى، فهم لا ييأسون من روحه.
ولما كانت العبادة تقطع عن التوسع في الدنيا، فربما دعت نفس العابد إلى التسمك بما في يده خوفاً من نقص العبادة عن الحاجة لتشوش الفكر والحركة لطلب الرزق، حث على الإنفاق منه اعتماداً على الخلاق الرزاق الذي ضمن الخلف ليكونوا بما ضمن لهم أوثق منهم بما عندهم، وإيذاناً بأن الصلاة سبب للبركة في الرزق ﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك﴾ [طه: ١٣٢]، فقال لفتاً إلى مظهر العظمة تنبيهاً على أن الرزق منه وحده: ﴿ومما رزقناهم﴾ أي بعظمتنا، لا حول منهم ولا قوة ﴿ينفقون *﴾ من غير إسراف ولا تقتير في جميع وجوه القرب التي شرعناها لهم.
ولما ذكر جزاء المستكبرين، فتشوفت النفس إلى جزاء المتواضعين، أشار إلى جزائهم بفاء السبب، إشارة إلى أنه هو الذي وفقهم لهذه الأعمال برحمته، وجعلها سبباً إلى دخول جنته، ولو شاء لكان


الصفحة التالية
Icon