بني إسرائيل ومبشراً للعرب: ﴿وجعلناه﴾ أي كتاب موسى عليه السلام جعلاً يليق بعظمتنا ﴿هدى﴾ أي بياناً عظيماً ﴿لبني إسرائيل﴾ وأشار إلى اختلافهم فيه بقوله: ﴿وجعلنا منهم﴾ أي من أنبيائهم وأحبارهم بعظمتنا، مع ما في طبع الإنسان من اتباع الهوى ﴿أئمة يهدون﴾ أي يوقعون البيان ويعملون على حسبه ﴿بأمرنا﴾ أي بما أنزلنا فيه من الأوامر؛ ثم ذكر علة جعله ذلك لهم بقوله: ﴿لما صبروا﴾ أي بسبب صبرهم ولأجله - على قراءة حمزة والكسائي بالكسر والتخفيف - أو حين صبرهم على قبول أوامرنا على قراءة الباقين بالفتح والتشديد، وإن كان الصبر أيضاً إنما هو بتوفيق الله لهم ﴿وكانوا بآياتنا﴾ لما لها من العظمة ﴿يوقنون *﴾ لا يرتابون في شيء منها ولا يفعلون فعل الشاك فيه الإعراض، وكان ذلك لهم جبلة جبلناهم عليها.
ولما أفهم قوله «منهم» أنه كان منهم من يضل عن أمر الله ويصد عنه، جاء قوله تسلية للمؤمنين وتوعداً للكافرين، استئنافاً مؤكداً تنبيهاً لمن يظن أنه لا بعث، ولفت القول إلى صفة الإحسان إشارة إلى ما يظهر من شرفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك اليوم من المقام المحمود وغيره: ﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بإرسالك ليعظم


الصفحة التالية
Icon