أي القرآن في آخر سورة الأنفال ﴿مسطوراً *﴾ بعبارة تعمه، قال الأصبهاني: وقيل: في التوارة، لأن في التوراة: إذا نزل رجل بقوم من أهل دينه فعليهم أن يكرموه ويواسوه، وميراثه لذوي قرابته، فالآية من الاحتباك: أثبت وصف الإيمان أولاً دليلاً على حذفه ثانياً ووصف الهجرة ثانياً دليلاً على حذف النصرة أولاً.
ولما كان نقض العوائد وتغيير المألوفات مما يشق كثيراً على النفوس، ويفرق المجتمعين، ويقطع بين المتواصلين، ويباعد بين المتقاربين، قال مذكراً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أخذ على من قبله من نسخ أديانهم بدينه، وتغيير مألوفاتهم بإلفه، ومن نصيحة قومهم بإبلاغهم كل ما أرسلوا به، صارفاً القول إلى مظهر العظمة لأنه أدعى إلى قبول الأوامر: ﴿وإذا﴾ فعلم أن التقدير: اذكر ذلك - أي ما سطرناه لك قبل هذا في كتابك، واذكر إذ ﴿أخذنا﴾ بعظمتنا ﴿من النبيين ميثاقهم﴾ في تبليغ الرسالة في المنشط والمكره، وفي تصديق بعضهم لبعض، وفي اتباعك فيما أخبرناك به في قولنا ﴿لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه﴾ [آل عمران: ٨١] وقولهم: أقررنا.
ولما ذكره ما أخذ على جميع الأنبياء من العهد في تغيير مألوفاتهم إلى ما يأمرهم سبحانه به من إبلاغ ما يوحى إليهم والعمل بمقتضاه،


الصفحة التالية
Icon