ولما كان العهد ربما طال زمنه فنسي، فكان ذلك عذراً لصاحبه، بين قرب زمنه بعد بيان عظمة المعاهد اللازم منه ذكره، فقال مثبتاً الجار: ﴿من قبل﴾ أي قبل هذه الحالة وهذه الغزوة حين أعجبتهم المواعيد الصادقة بالفتوحات التي سموها الآن عندما جد الجد مما هي مشروطة به من الجهاد غروراً ﴿لا يولّون﴾ أي يقربون عدوهم ﴿الأدبار﴾ أي أدبارهم أبداً لشيء من الأشياء، ولا يكون لهم عمل إذا حمى الياس، وتخالط الناس، واحمرت الحدق وتداعس الرجال، وتعانق الحماة الأبطال إلى الظفر أو الموت.
ولما كان الإنسان قد يتهاون بالعهد لإعراض المعاهد عنه قال: ﴿وكان عهد الله﴾ أي الوفاء بعهد من هو محيط بصفات الكمال. ولما كان العهد فضلة في الكلام لكونه مفعولاً، واشتدت العناية به هنا، بين ذلك بتقديمه أولاً ثم يجعله العمدة، وإسناد الفعل إليه ثانياً فقال: ﴿مسؤولاً *﴾، أي في أن يوفي به ذلك الذي وقع منه.
ولما أتم سبحانه ما أخبر به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما دل عليه التعبير بالنبي، استأنف أمره بجوابهم جواباً لمن كأنه قال: ماذا يقال لهم؟ وإجراءً للنصحية على لسانه لما هو مجبول عليه من الشفقة، ﴿قل﴾ أي لهم، وأكد لظنهم نفع الفرار: ﴿لن ينفعكم﴾ أي في


الصفحة التالية
Icon