﴿في الأعراب﴾ الذين هم عندهم في محل النقص، وممن تكره مخالطته ولو كان تمنيهم في ذلك الحين محالاً؛ ثم ذكر حال فاعل «بادون» فقال: ﴿يسألون﴾ كل وقت ﴿عن أنبائكم﴾ العظيمة معهم جرياً على ما هم عليه من النفاق ليبقوا لهم عندكم وجهاً، كأنهم مهتمون بكم، يظهرون بذلك تحرقاً على غيبتهم عن هذه الحرب أو ليخفوا غيبتهم ويظهروا أنهم كانوا بينكم في الحرب بأمارة أنه وقع لكم في وقت كذا أو مكان كذا كذا، ويكابروا على ذلك من غير استحياء لأن النفاق صار لهم خلقاً لا يقدرون على الانفكاك عنه، ويرشد إلى هذا المعنى قراءة يعقوب «يسالون» بالتشديد ﴿ولو﴾ أي والحال أنهم لو ﴿كانوا فيكم﴾ أي حاضرين لحربهم ﴿ما قاتلوا﴾ أي معكم ﴿إلا قليلاً﴾ نفاقاً كما فعلوا قبل ذهاب الأحزاب من حضورهم معكم تارة واستئذانهم في الرجوع إلى منازلهم أخرى، والتعويق لغيرهم بالفعل كرة، والتصريح بالقول أخرى.
ولما أخبر تعالى عنهم بهذه الأحوال التي هي غاية في الدناءة، أقبل عليهم إقبالاً يدلهم على تناهي الغضب، فقال مؤكداً محققاً لأجل إنكارهم: ﴿لقد كان لكم﴾ أيها الناس كافة الذين المنافقون في غمارهم ﴿في رسول الله﴾ الذي جاء عنه لإنقاذكم من كل ما يسوءكم،


الصفحة التالية
Icon