للرؤوس والأعناق، حتى قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أبصر الناس بالحروب، وأنفذهم رأياً لما له من الثبات عند اشتداد الكروب: «الآن نغزوهم ولا يغزونا»، قال تعالى: ﴿وأرضاً لم تطؤها﴾ أي تغلبوا عليها بتهيئتكم للغلبة عليها وإعطائكم القوة القريبة من فتحها، وهي أرض خيبر أولاً، ثم أرض مكة ثانياً ثم أرض فارس والروم وغيرهما مما فتحه الله بعد ذلك، وكان قد حكم به في هذه الغزوة حين أبرق تلك البرقات للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حفر الخندق، فأراه في الأولى اليمن، وفي الأخرى فارس، وفي الأخرى الروم.
ولما كان ذلك أمراً باهراً سهله بقوله: ﴿وكان الله﴾ أي أزلاً وأبداً بما له من صفات الكمال ﴿على كل شيء﴾ هذا وغيره ﴿قديراً﴾ أي شامل القدرة.
ولما تقرر بهذه الوقائع - التي نصر فيها سبحانه وحده بأسباب باطنه سببها، وأمور خفية رتبها، تعجز عنها الجيوش المتخيرة المستكثرة، والملوك المتجبرة المستكبرة - ما قدم من أنه كافي من توكل عليه، وأقبل بكليته إليه، وختم بصفة القدرة العامة الدائمة، تحرر أنه قادر على


الصفحة التالية
Icon