وبقدر النعمة تكون النقمة، وكل من بناء يضاعف للمجهول من باب المفاعلة أو التفعيل لأبي جعفر والبصريين أو للفاعل بالنون عند ابن وكثير وابن عامر يدل على عظمته سبحانه، والبناء للمجهول يدل على العناية بالتهويل بالعذاب بجعله عمدة الكلام وصاحب الجملة بإسناد الفعل إليه، وذلك كله إشارة إلى أن الأمور الكبار صغيرة عنده سبحانه لأنه لا يضره شيء ولا ينفعه، ولا يوجب شيء من الأشياء له حدوث شيء لم يكن، ولذلك قال: ﴿وكان ذلك﴾ أي مع كونه عظيماً عندكم ﴿على الله يسيراً *﴾ فهذا ناظر إلى مقام الجلال والكبرياء والعظمة.
ولما قدم درء المفاسد الذي هو من باب التخلي، أتبعه جلب المصالح الذي هو من طراز التحلي فقال: ﴿ومن يقنت﴾ أي يخلص الطاعة، وتقدم توجيه قراءة يعقوب بالفوقانية على ما حكاه البغوي والأهوازي في الشواذ عن ابن مسلم ﴿منكن لله﴾ الذي هو أهل لئلا يلتفت إلى غيره لأنه لا أعظم منه بإدامة الطاعة فلا يخرج عن مراقبته أصلاً ﴿ورسوله﴾ فلا تغاضبه ولا تطلب منه شيئاً،


الصفحة التالية
Icon