عليه تلك البنوة شيئاً من نسائكم وإلا لم يكن لمنصب النبوة مزية، وأما من جهتكم فبوجوب التعظيم والتوفير والطاعة وحرمة الأزواج، وأما كون الرسالة عن الله الذي لا أعظم منه فهو مقتض لأن يبلغ الناس عنه جميع ما أمره به، وقد بلغكم قوله تعالى: ﴿ادعوهم لآبائهم﴾ ووظيفة الشريفة مقتضية لأن يكون أول مؤتمر بهذا الأمر، فهو لا يدعو أحداً من رجالكم بعد هذا ابنه.
ولما لم يكن مطلق النبوة ولا مطلق الرسالة منافياً لأبوه الرجال قال: ﴿وخاتم النبيين﴾ أي لأن رسالته عامة ونبوته معها إعجاز القرآن، فلا حاجة مع ذلك إلى استنباء ولا إرسال، فلا يولد بعده من يكون نبياً، وذلك مقتض لئلا يبلغ له ولد يولد منه مبلغ الرجال، ولو قضي أن يكون بعده نبي لما كان إلا من نسله إكراماً له لأنه أعلى النبيين رتبة وأعظم شرفاً، وليس لأحد من الأنبياء كرامة إلا وله مثلها أو أعظم منها، ولو صار أحد من ولده رجلاً لكان نبياً بعد ظهور نبوته، وقد قضى الله ألا يكون بعده نبي إكراماً له، روى أحمد وابن ماجه عن أنس وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في ابنه إبراهيم: «لو عاش لكان صديقاً نبياً»، وللبخاري نحوه عن


الصفحة التالية
Icon