النكاح، وختمه بأن أزواجه لا تحل بعده، فهن كمن عدتهن ثابتة لا تنقضي أبداً، أو كمن زوجها غائب عنها وهو حي، لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي في قبره: ﴿يا أيها النبي﴾ ذاكراً سبحانه الوصف الذي هو مبدأ القرب ومقصوده ومنبع الكمال ومداره.
ولما كان الذين في قلوبهم مرض ينكرون خصائص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكد قوله: ﴿إنا أحللنا لك أزواجك﴾ أي نكاحهن، قال الحرالي في كتابه في أصول الفقه: تعليق الحكم بالأعيان مختص بخاص مدلولها نحو حرمت أو حللت المرأة أي نكاحها، والفرس أي ركوبه، والخمر أي شربها، ولحم الخنزير أي أكله، والبحر أي ركوبه، والثور أي الحرث به، وكذلك كل شيء يختص بخاص مدلوله، ولا يصرف عنه إلا بمشعر، ولا إجمال فيه لترجح الاختصاص - انتهى.
ولما كان المقصود من هذه السورة بيان مناقبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما خصه الله به مما قد يطعن فيه المنافقون من كونه أولى من كل أحد بنفسه وماله، بين أنه مع ذلك لا يرضى إلا بالأكمل، فبين أنه كان يعجل المهور، ويوفي الأجور، فقال: ﴿اللاتي آتيت﴾ أي بالإعطاء الذي هو الحقيقة، وهي به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى أو بالتسمية


الصفحة التالية
Icon