كثيرة ﴿من العذاب﴾ ضعفاً بضلالهم، وآخر بإضلالهم، وإذا راجعت ما في آواخر سبحان من معنى الضعف وضح لك هذا، ويؤيده قوله: ﴿والعنهم لعناً كثيراً *﴾ أي اطردهم عن محال الرحمة طرداً متناهياً في العدد، والمعنى على قراءة عاصم بالموحدة: عظيماً شديداً غليظاً.
ولما كان السبب في هذا التهديد كله ما كانوا يتعمدونه من أذى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولهم: تزوج امرأة ابنه، وغير ذلك إلى أن ختمه بما يكون سبباً لتمنيهم طاعته، وكان سماع هذا لطفاً لمن صدق به، أتبعه ما هو كالنتيجة له فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي صدقوا بما تلي عليهم ﴿لا تكونوا﴾ بأذاكم للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر زينب رضي الله عنها أو غيره. كوناً هو كالطبع لكم ﴿كالذين آذوا موسى﴾ من قومه بني إسرائيل آذوه بأنواع الأذى كما قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قسم قسماً فتكلم فيه بعضهم فقال: لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر وأنسب الأشياء للإرادة هنا أذى قارون له بالزانية التي استأجرها لتقذفه بنفسها فبرأة الله من ذلك، وكان سبب الخسف بقارون ومن معه ﴿فبرأه﴾ أي فتسبب عن أذاهم له أن برأة ﴿الله﴾ أي الذي له صفات الجلال والجمال والقدرة


الصفحة التالية
Icon