ولما أفاد ذلك أن له الدنيا وما فيها، وقد علم في آخر الأحزاب أن نتيجة الوجود العذاب والمغفرة، ونحن نرى أكثر الظلمة والمنافقين يموتون من غير عذاب، وأكثر المؤمنين يموتون لم يوفوا ما وعدوه من الثواب، ونعلم قطعاً أنه لا يجوز على حكيم أن يترك عبيده سدى يبغي بعضهم على بعض وهو لا يغير عليهم، فأفاد ذلك أن له داراً أخرى يظهر فيها العدل وينشر الكرم والفضل، فلذلك قال عاطفاً على ما يسببه الكلام الأول من نحو: فله الحمد في الأولى، وطواه لأجل خفائه على أكثر الخلق، وأظهر ما في الآخرة لظهوره لأنها دار كشف الغطاء، فقال منبهاً على نعمة الإعادة والإبقاء ثانياً: ﴿وله﴾ أي وحده ﴿الحمد﴾ أي الإحاطة بالكمال ﴿في الآخرة﴾ ظاهراً لكل من يجمعه الحشر، وله كل ما فيها، لا يدعي ذلك أحد في شيء منه لا ظاهراً ولا باطناً، فكل شيء فيها لظهور الحمد إذ ذاك بحمده كما ينبغي لجلاله بما له عليه من نعمة أقلها نعمة الإيجاد حتى أهل النار فإنهم يحمدونه بما يحبب إليهم في الدنيا من إسباغ نعمه ظاهرة وباطنة، ومنها إنزال الكتب وإرسال الرسل على وجه ما أبقى فيه للتحبب موضعاً في دعائهم إليه وإقبالهم عليه، وبذل النصيحة على وجوه من اللطف كما هو معروف عند من عاناه، فعلموا أنهم هم المفرطون حيث أبوا في الأولى حيث ينفع