القول والفعل، ما الفعل فإنه بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى، فكشف ذلك عن صفات كماله وأظهرها بدلالات قطعية تفصيلية غير متناهية، فإن كل ذرة من ذرات الوجود تدل عليها، ولا يتصور في عبارات المخلوق مثل هذه الدلالات، ومن ثمة قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» ولا بد للتنبه لما قاله الأستاذ أبو الحسن التجيبي المغربي الحرالي في تفسيره بأن حمدلة الفاتحة تتضمن من حيث ظاهرها المدح التام الكامل ممن يرى المدحة سارية في كل ما أبدعه الله وما أحكمه من الأسباب التي احتواها الكون كله، وعلم أن كلتا يدى ربه يمين مباركة، وهو معنى ما يظهره إحاطة العلم بإبداء الله حكمته على وجه لا نكرة فيه منه، ولا ممن هو في أمره خليفته، وليس من معنى ما بين العبد وربه من وجه إسداء النعم وهو أمر يجده القلب علماً، لا أمر يوافق النفس غرضاً، فمن لم يكمل بعلم ذلك تالياً على أثر من علمه، واجداً بركة تلاوته - انتهى.
وأما القول فإنه سبحانه لما علم أن لسان الحال إنما يرمز رمزاً خفياً لا يفهمه إلا الأفراد وإن كان بعد التحقيق جلياً، أنزل عليما كتاباً مفصحاً بالمراد أثنى فيه على نفسه، وبين صفات كماله