تعالى عنهم في غزوة تبوك فألقتهما في جبلي طي، وتحمل من أراد الله من أولياء أمته كما هو في غاية الشهرة ونهاية الكثرة، وأما أمر الإسراء والمعراج فهو من الجلالة والعظم بحيث لا يعلمه إلا الله مع أن الله تعالى صرفه في آيات السماء بحبس المطر تارة وإرساله أخرى.
ولما ذكر الريح، أتبعها ما هي من أسباب تكوينه فقال: ﴿وأسلنا له﴾ أي بعظمتنا ﴿عين القطر﴾ أي النحاس أذبناه له حتى صار كأنه عين ماء، وذلك دال على أنه تعالى يفعل في الأرض ما يشاء، فلو أراد لأسالها كلها فهلك من عليها، ولو أراد لجعل بدل الإسالة الخسف والإزالة.
ولما ذكر الريح والنحاس الذي لا يذاب عادة إلا بالنار، ذكر ما أغلب عناصرة النار، وهو في الخفة والإقدار على الطيران كالريح فقال: ﴿ومن﴾ أي وسخرنا له من ﴿الجن﴾ أي الذين سترناهم عن العيون من الشياطين وغيرهم ﴿من يعمل﴾ ولما كان قد أمكنه الله منهم غاية الإمكان في غيبته وحضوره قال: ﴿بين يديه﴾ ولما كان ظن ظان أن لهم استبداداً بأعمالهم نفاه بقوله: ﴿بإذن ربه﴾ أي بتمكين المحسن إليه له ولهم بما يريد فعله.