تارة بشق القمر، وتارة برجم النجوم، وتارة باختراق السماوات، وتارة بحبس المطر وتارة بإرساله - إلى غير ذلك مما أكرمه الله به.
ولما أخبر تعالى أنه سخر له الجن، ذكر حالهم في أعمالهم، دلالة على أنه سبحانه يتصرف في السماء والأرض وما فيهما بما يشاء فقال تعالى: ﴿يعملون له﴾ أي في أي وقت شاء ﴿ما يشاء﴾ أي عمله ﴿عن محاريب﴾ أي أبنية شريفة من قصور ومساكن وغيرها هي أهل لأن يحارب عليها أو مساجد، والمحراب مقدم كل مسجد ومجلس وبيت، وكان مما عملوه له بين المقدس جدرانه بالحجارة العجيبة البديعة والرخام الأبيض والأصفر والأخضر، وعمدة بأساطين المها الأبيض الصافي مرصعاً سقوفه وجدرانه بالذهب والفضة والدر والياقوت والمسك والعنبر وسائر الطيب، وبسط أرضه بألواح الفيروزج حتى كان أبهى بيت على وجه الأرض ﴿وتماثيل﴾ أي صوراً حساناً على تلك الأبنية فيها أسرار غريبة كما ذكروا أنهم صنعوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين في أعلاه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعين، وإذا قعد أظله النسران، ولم تكن التصاوير ممنوعة.


الصفحة التالية
Icon