أي قلنا ذلك والحال أنه قليل.
ولما لم يقتض الحال العظمة لأنها مبالغة في الشكر أليق، اسقط مظهرها فقال: ﴿من عبادي الشكور *﴾ أي المتوفر الدواعي بظاهره وباطنه من قلبه ولسانه وبدنه على الشكر بأن يصرف جميع ما أنعم الله عليه فيما يرضيه، وعبر بصيغة فعول إشارة إلى أن من يقع منه يطلق الشكر كثير، وأقل ذلك حال الاضطرار.
ولما كان ربما استبعد موت من هو على هذه الصفة من ضخامة الملك بنفوذ الأمر وسعة الحال وكثرة الجنود، أشار إلى سهولته بقرب زمنه وسرعة إيقاعه على وجه دال على بطلان تعظيمهم للجن بالإخبار بالمغيبات بعد تنبيههم على مثل ذلك باستخدامه لهم بقوله: ﴿فلما﴾ بالفاء، ولذلك عاد إلى مظهر الجلال فقال: ﴿قضينا﴾ وحقق صفة القدرة بأداة الاستعلاء فقال: ﴿عليه﴾ أي سليمان عيله السلام ﴿الموت ما دلهم﴾ أي جنوده وكل من في ملكه من الجن والإنس وغيرهم من كل قريب وبعيد ﴿على موته﴾ لأنا جعلنا له من سعة العلم ووفور الهيبة ونفوذ الأمر ما تمكن به من إخفاء موته عنهم ﴿إلا دآبة الأرض﴾ فخمها بهذه الإضافة التي من معناها أنه لا دابة للأرض غيرها لما أفادته من العلم ولأنها لكونها تأكل من كل شيء