فاراً أعمى توالد فيه، ويسمى الخلد، فخرفه شيئاً بعد شيء، فأرسل الله سيلاً في ذلك الوادي، فحمل ذلك السد فروي أنه كان من العظم وكثرة الماء بحيث ملأ ما بين الجبلين، وحمل الجنان وكثيراً من الناس ممن لم يمكنه الفرار. ولما غرق من غرق منهم ونجا من نجا، تفرقوا وتمزقوا حتى ضربت العرب المثل بهم فقالوا: تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبا، والأوس والخزرج منهم، وكان ذلك في الفترة التي بين عيسى ونبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وبدلناهم بجنتيهم﴾ أي جعلنا لهم بدلهما ﴿جنتين﴾ هما في غاية ما يكون من مضادة جنتيهم، ولذلك فسرهما بقوله إعلاماً بإن إطلاق الجنتين عليهما مشاكلة لفظية للتهكم بهم: ﴿ذواتي أكل﴾ أي ثمر ﴿خمط﴾ وقراءة الجماعة بتنوين ﴿أكل﴾ أقعد في التهكم من قراءة أبي عمرو ويعقوب بالإضافة.
ولما كان الخمط مشتركاً بين البهائم والإنسان في الأكل والتجنب، والله أعلم بما أراد منه، لأنه ضرب من الإراك، له ثمر يؤكل، وكل شجرة مرة ذات شوك، والحامض أو المر من كل شيء، وكل نبت


الصفحة التالية
Icon