إلى الشام.
ولما كانت مع هذا الوصف ربما كان فيها عسر على المسافر لعدم الموافقة في المقيل والمبيت، أزال هذا بقوله: ﴿وقدرنا فيها السير﴾ أي جعلناه على مقادير هي في غاية الرفق بالمسافر في نزوله متى أراد من ليل أو نهار على ما جرت به عوائد السفار، فهي لذلك حقيقة بأن يقال لأهلها والنازلين بها على سبيل الامتنان: ﴿سيروا﴾ والدليل على تقاربها جداً قوله: ﴿فيها﴾ ودل على كثرتها وطول مسافتها وصلاحيتها للسير أيّ وقت أريد، مقدماً لما هو أدل على الأمن وأعدل للسير في البلاد الحارة بقوله: ﴿ليالي﴾ وأشار إلى كثرة الظلال والرطوبة والاعتدال الذي يمكن معه السير في جميع النهار بقوله: ﴿وأياماً﴾ أي في أي وقت شئتم، ودل على عظيم أمانها في كل وقت بالنسبة إلى كل ملم بقوله: ﴿آمنين *﴾ أي من خوف وتعب، أو ضيعة أو عطش أو سغب.
ولما انقضى الخبر عن هذه الأوصاف التي تستدعي غاية الشكر لما فيها من الألطاف، دل على بطرهم للنعمة بها بأنهم جعلوها سبباً للتضجر والملال بقوله: ﴿فقالوا﴾ على وجه الدعاء: ﴿ربنا﴾ أي أيها المربي لنا ﴿باعد﴾ أي أعظم البعد وشدده - على قراءة ابن كثير وأبي عمرو