أنه مكنه تمكيناً تاماً صار به كمن له سلطان حقيقي.
ولما كان هذا ربما أوقع في وهم نقصاً في العلم أو في القدرة، قال مشيراً إلى أنه سبحانه يسره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتكثير هذا الفريق المخلص وجعل أكثره من أمته فقال: ﴿وربك﴾ أي المحسن إليك بإخزاء الشيطان بنبوتك وإخسائه عن أمتك ﴿على كل شيء﴾ من المكلفين وغيرهم ﴿حفيظ *﴾ أي حافظ أتم حفظ محيط به مدبر له على وجه العلو بعلمه الكامل وقدرته الشاملة، فلا يفعل الشيطان ولا غيره شيئاً إلا بعلمه وإذنه.
ولما أثبت سبحانه لنفسه ولذاته الأقدس من الملك في السماوات والأرض وغيرهما ما رأيت، واستدل عليه من الأدلة التي لا يمكن التصويب إليها بطعن بما سمعت، وكان المقصود الأعظم التوحيد فإنه أصل ينبني عليه كل خير قال: ﴿قل﴾ أي يا أعلم الخلق! بإقامة الأدلة لهؤلاء الذين أشركوا ما لا يشك في حقارته من له أدنى مسكة: ﴿ادعوا الذين زعمتم﴾ أي أنهم آلهة كما تدعون الله لا سيما في وقت الشدائد، وحذف مفعولي «زعم» وهما ضميرهم وتألههم تنبيهاً على استهجان ذلك واستبشاعه، وليس المذكور في الآية مفعولاً ولا قائماً