للأولين وهم الرؤوس المتبوعون: ﴿لولا أنتم﴾ أي مما وجد من استتباعكم لنا على الكفر وغيره من أموركم ﴿لكنا مؤمنين *﴾ أي عريقين في الإيمان لأنه لم يكن عندنا كبر من أنفسنا يحملنا على العناد للرسل.
ولما لم يتضمن كلامهم سوى قضية واحدة، ذكر الجواب بقوله تعالى: ﴿قال الذين استكبروا﴾ على طريق الاستئناف ﴿للذين استضعفوا﴾ رداً عليهم وإنكاراً لقولهم أنهم هم الذين صدوهم: ﴿أنحن﴾ خاصة ﴿صددناكم﴾ أي منعناكم وصرفناكم ﴿عن الهدى﴾ ولما كانوا لا يؤاخذون بإهمال دليل العقل قبل إتيان الرسل، أشاروا إلى ذلك بقولهم: ﴿بعد إذ جاءكم﴾ أي على ألسنة الرسل.
ولما كان المعنى: إنا لم نفعل ذلك، حسن أن يقال: إنهم هم الذين ضلوا بأنفسهم لا بإضلالهم، فقالوا: ﴿بل كنتم﴾ أي جبلة وخلقاً ﴿مجرمين *﴾ أي عريقين في قطع ما ينبغي وصله بعد إتيان الهدى مختارين لذلك كما كنتم قبله أتباعاً لنا ما ردتم ولا ردنا، ولما تضمن قولهم أمرين: ادعاء عراقتهم في الإجرام، وإنكار كونهم سبباً فيه، أشار إلى ردهم للثاني بالعاطف على غير معطوف عليه إعلاماً بأن التقدير: قال الذين استضعفوا: كذبتم فيما ادعيتم من عراقتنا في الإجرام: ﴿وقال الذين استضعفوا﴾ عطفاً على هذا المقدر ﴿للذين استكبروا﴾


الصفحة التالية
Icon