أن صور البعث تصويراً لم يتقدم مثله، ثم عطف بآية الطمس وما بعدها على القسم المعرض، ثم رجع إلى الكلام على الرسول والكتاب.
ولما دل سبحانه على ما له من القدرة الكاملة بالأفعال الهائلة من كل من الإماتة والإحياء الحسيين والمعنويين إبداء وإعادة، وكان ضرب الأمثال بالمشاهدات ألصق شيء بالبال، وأقطع للمراء والجدال، وأكتشف لما يراد من الأحوال، قال عاطفاً على ﴿فبشره﴾ مبيناً للأصل الثالث الذي هو الأول بالأصالة المقصود بالذات، وهو التوحيد، ضامّاً إليه الأصلين الاخرين، ليكون المثل جامعاً، والبرهان به واضحاً ساطعاً: ﴿واضرب لهم﴾ أي لأجلهم بشارة بما يرجى لهم عند إقبالهم، ونذارة لما يخشى عليهم عند إعراضهم وإدبارهم ﴿مثلاً﴾ أي مشاهداً في إصرارهم على مخالفة الرسول وصبره عليهم ولطفه بهم، لأنا ختمنا على قلوبهم على الكفران مع قربهم منك في النسب والدار، وفوز غيرهم لأنا نورنا قلوبهم مع البعد في النسب والدار بالإيمان وثمراته الحسان، لأنهم يخشون الرحمن بالغيب، ولا يثبتون على الغباوة والريب.
ولما ذكر المثل، أبدل منه قوله: ﴿أصحاب القرية﴾ التي هي محل الحكمة واجتماع الكلمة وانتشار العلم ومعدن الرحمة. ولما كان الممثل به في الحقيقة إنما هو إخبارها بأحوال أهلها لأنها وجه