بدليل أنه متى قل جاء القحط ووقع الضرر: ﴿فمنه﴾ أي بسبب هذا الإخراج ﴿يأكلون *﴾ أي فهو حب حقيقة يعلمون ذلك علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين لا يقدرون على أن يدعوا أن ذلك خيال سحري بوجه، وفي هذه الأية وأمثالهم حث عظيم على تدبر القرآن واستخراج ما فيه من المعاني الدالة على جلال الله وكماله، وقد أنشد هنا الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله في تفسيره في عيب من أهمل ذلك فقال:
يا من تصدر في دست الإمامة في
مسائل الفقه إملاء وتدريسا
غفلت عن حجج التوحيد تحكمها
شيدت فرعاً وما مهدت تأسيسا
ولما ذكر سبحانه ما في الزروع وما لا ساق له من النعمة والقدرة، ودل السياق فيه على الحصر، أتبعه ما بين المراد التعظيم لا الحصر الحقيقي بإظهار المنة في غيره من الأشجار الكبار والصغار ذات الأقوات والفواكه، فقال دالاً على عظمه بمظهر العظمة: ﴿وجعلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿فيها﴾ أي الأرض ﴿جنات﴾ أي بساتين تستر داخلها بما فيها من الأشجار الملتفة. ولما كان النخل - مع ما فيه من النفع - زينة دائماً بكونه لا يسقط ورقه، قدمه وسماه باسمه فقال:
الصفحة التالية