وحدانيته وأنه قادر على ما يريد من عذاب وثواب، وإقبالهم على ما لا ينفعهم بوجه، فقال: ﴿وإذا قيل﴾ أي من أي قائل كان ﴿لهم اتقوا﴾ أي خافوا خوفاً عظيماً تعالجون فيه أنفسكم ﴿ما بين أيديكم﴾ أي بما يمكن أن تقعوا فيه من العثرات المهلكة في الدارين ﴿وما خلفكم﴾ أي ما فرطتم فيه ولم تجاروا به ولا بد من المحاسبة عليه لأن الله الذي خلقكم أحكم الحاكمين ﴿لعلكم ترحمون *﴾ أي تعاملون معاملة المرحوم بالإكرام.
ولما كان التقدير: أعرضوا لأن الإعراض قد صار لهم خلقاً لا يقدرون على الانفكاك من أسره، عطف عليه قوله إشارة إليه: ﴿وما تأتيهم﴾ وعمم بقوله: ﴿من آية﴾ وبين قوله: ﴿من آيات﴾ ولفت الكلام للتذكير بالإنعام تكذيباً لهم في أنهم أشكر الناس للمنعم فقال: ﴿ربهم﴾ أي المحسن إليهم ﴿إلا كانوا عنها﴾ أي مع كونها من عند من غمرهم إحسانه وعمهم فضله وامتنانه ﴿معرضين *﴾ أي دائماً إعراضهم.
ولما كانت الرحمة بالرزق والنصر إنما تنال بالرحمة للضعفاء «هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» «إنما يرحم الله من عباده الرحماء»